الكويت: تحسن وتيرة نمو الائتمان الشخصي وضعف الائتمان المقدم لقطاع الاعمال
تحسن أداء الائتمان المحلي وسجل نمواً بنسبة 2.1% على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من عام 2021 ليصل بذلك معدل النمو السنوي إلى 4% في سبتمبر. وللربع الخامس على التوالي، كان الإقراض الشخصي هو المحرك الرئيسي للنمو، في حين تباطأت وتيرة تعافي الإقراض المقدم لقطاع الاعمال نتيجة للركود الناجم عن الجائحة.
واستقر نمو الائتمان المقدم لقطاع الاعمال في الربع الثالث من عام 2021 وسجل نمو سنوي 0.3% فقط في سبتمبر. ومع استمرار الصدمة الناجمة عن الجائحة في الضغط على نمو الائتمان المقدم لقطاع الأعمال، نعتقد أن تزايد عمليات السداد/ شطب القروض تعتبر أيضاً من العوامل التي قد تكون لعبت دوراً نسبياً في التأثير سلباً على اتجاهات الائتمان المقدم لقطاع الاعمال خلال العام الماضي.
إلا أن أداء القطاعات المختلفة شهد تبايناً شديداً مع استمرار قطاعي التجارة والانشاء في تسجيل أضعف أداء بتراجعهما بنسبة 13% و11%، على أساس سنوي، على التوالي. وفي المقابل، كان نمو الائتمان المقدم لقطاعي النفط / الغاز (+14% على أساس سنوي) والصناعة (+11%) قوياً للغاية.
واستمر الائتمان الممنوح للقطاع العقاري، والذي يعد أكبر عناصر الائتمان المقدم لقطاع الاعمال باستحواذه على حصة بنسبة 43%، في النمو بنسبة 2.3% في سبتمبر على أساس سنوي.
من جهة أخرى، سجل الائتمان الشخصي أسرع وتيرة نمو على أساس ربع سنوي منذ الربع الثالث من العام الماضي، وذلك بوصول معدل نموه السنوي إلى 11.2% في سبتمبر على أساس سنوي.
ويعزى هذا الأداء القوي لنمو كل من القروض السكنية والقروض الاستهلاكية بنحو 11% على أساس سنوي. كما ساهم تأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض الشخصية للمواطنين الكويتيين لمدة ستة أشهر (ومن المقرر أن تنتهي هذه المهلة في الربع الرابع من العام الحالي)، واستمرار تزايد الطلب /ارتفاع تقييمات العقارات السكنية، ونمو الإنفاق الاستهلاكي في وصول معدل نمو الائتمان الشخصي لمعدلات قياسية لم نشهدها منذ سنوات عديدة.
وتعزز أداء النمو الإجمالي للائتمان في الربع الثالث من عام 2021 على خلفية تزايد نمو الائتمان المقدم للمؤسسات المالية غير المصرفية، والذي شهد قفزة بمعدل نمو ربع سنوي لم نشهده منذ عدة سنوات بلغ نحو 10%، هذا إلى جانب الائتمان المقدم لشراء الأوراق المالية، والذي سجل ثاني أعلى معدل نمو ربع سنوي على مدار العامين الماضيين.
ومع بداية عام 2022، قد يلقى نمو الائتمان المزيد من الدعم بفضل عودة الأنشطة الاقتصادية إلى مستوياتها الاعتيادية على خلفية تسارع وتيرة طرح برامج اللقاحات ومواصلة تخفيف القيود المرتبطة بالجائحة.
ومن المقرر ان يتحسن الائتمان المقدم لقطاع الاعمال بدعم من إمكانية تسارع وتيرة اسناد المشاريع والطلب المكبوت على الإنفاق الرأسمالي نظراً لقيام الشركات بخفض النفقات الرأسمالية منذ تفشي الجائحة.
أما بالنسبة للائتمان الشخصي، فعلى الأرجح سيبدأ النمو باتخاذ اتجاهاً هبوطياً ليصل إلى مستويات ما قبل الجائحة بعد انقضاء مهلة تأجيل سداد أقساط القروض لمدة ستة أشهر للمواطنين الكويتيين في الربع الرابع من العام الحالي.
في المقابل، فإن إقرار قانون الرهن العقاري (وهو أمر متوقع) سيعتبر نقطة تحول جوهرية، مما سيوفر إمكانات نمو هائلة للبنوك نظراً لقوة الطلب على القروض السكنية.
وأخيراً، وفي إطار مساعيه المستمرة لدعم وتعزيز الانتعاش الاقتصادي، سيقوم بنك الكويت المركزي بالحد بوتيرة تدريجية لسياساته التيسيرية المتعلقة بقواعد السيولة وكفاية رأس المال التي بدأ سريانها في أبريل من العام الماضي بسبب ظهور الجائحة. ومن المقرر أن تعود معظم اللوائح التحوطية إلى مستويات ما قبل الجائحة اعتبارًا من يناير 2023.
استمرار ضعف أداء ودائع القطاع الخاص
ارتفعت الودائع المحلية بنسبة 0.8% على أساس ربع سنوي فيما يعزى بالكامل إلى تزايد الودائع الحكومية، بينما استمر تباطؤ نمو إجمالي الودائع على أساس سنوي (-3.3% في سبتمبر). وانخفضت ودائع القطاع الخاص بنسبة 2.8% على أساس سنوي، في حين انخفضت الودائع الحكومية بنسبة 5.5% نتيجة لوضع السيولة التي كانت تواجهها الحكومة على الأرجح.
إلا أنه بعد ربعين من الانخفاض الحاد، بدأت اتجاهات الودائع الحكومية في التحسن، إذ نمت بنسبة 7.3%على أساس ربع سنوي مدفوعة على الأرجح بارتفاع أسعار النفط.
وبالنظر إلى توزيع ودائع القطاع الخاص بالدينار الكويتي، نلحظ إن الاتجاه السائد منذ تفشي الجائحة (والذي يتمثل في تسارع وتيرة نمو الودائع تحت الطلب وودائع الادخار مقارنة بالودائع لأجل وذلك على مدار ستة أرباع متتالية) توقف في الربع الثالث من عام 2021 مع انخفاض الودائع تحت الطلب وودائع الادخار هامشياً بينما ارتفعت الودائع لأجل بنسبة 1%.
إلا أنه على أساس سنوي، ما زالت الودائع تحت الطلب وودائع الادخار مرتفعة بنسبة 5.6%، بينما انخفضت الودائع لأجل بنسبة 10% على أساس سنوي.
ويعتبر الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة العام الماضي (تخلص البنوك من بعض الودائع المؤسسية باهظة التكاليف لدعم الهوامش وكذلك مواجهة المودعين لانخفاض تكلفة الفرص البديلة من خلال الاحتفاظ بالأموال في الودائع تحت الطلب والودائع لأجل) وتأجيل مدفوعات أقساط القروض الشخصية من أهم العوامل الرئيسية التي ساهمت في تغيير توزيع ودائع القطاع الخاص.
وأدى تراجع معدل نمو الودائع المحلية خلال العام الماضي إلى زيادة نسبة القروض المحلية إلى الودائع في القطاع المصرفي، والتي وصلت إلى 93.5% في سبتمبر مقابل نحو 87% قبل عام واحد، مما يعكس حالة التراجع البسيط في توفر السيولة.
الإبقاء على سياسة أسعار الفائدة دون تغيير
أبقى بنك الكويت المركزي على سعر الخصم عند مستوى 1.5% منذ مارس 2020، وقد يظل عند هذا المستوى على المدى القصير نظراً لاستبعاد قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة في النصف الأول من 2022. إلا أن أسعار الفائدة (المتوسط المرجح وفقاً لحسابات بنك الكويت المركزي) على الودائع المقومة بالدينار الكويتي يبدو أنها قد وصلت إلى أدنى مستوياتها وبدأت تدريجياً بالفعل في اتخاذ اتجاه صعودي ولكن بوتيرة جدا بسيطة في الأشهر القليلة الماضية كما يتضح من الرسم البياني رقم (5).
وتؤكد النتائج المالية للبنوك الكويتية هذا الاتجاه، إذ شهدت جميعها زيادة تكلفة التمويل في الربع الثالث من العام 2021.